الخذلان Read Count : 84

Category : Articles

Sub Category : Self Help
"عندما تحب يا ولدى يجب أن تكون جديرا بهذا الحب  سنا وقدرة وقدوة  ،وإلا سيروى لك الخذلان قصص مؤلمة"

قرأها الفتى وهو مازال صغيرا لم يفهم لها معنى 
كان كلما تقدم به العمر شهرا أو شهرين 
يرجع إلى الكتاب ذاته فيعيدها لعله يفهمها...

وتَمُرُّ الأيام ،حتى يصل الفتى إلى الثالثة عشر من عمره...
فكر قبل أن يفتح الكتاب الذى خطته أمه بيدها له،لعله لن يفهمها مجددا ...
قد بدى على الفتى أنه قد وقع فى حب لزميلته ،أو ما يقال له"إعجابا"
ظهر عليه علامات الرجولة...خشن صوته ،نما شاربه ،فتلت عضلاته...
يبدو أنه على مشارف فتوة الشباب..
ترك الفتى القراءة وانشغل فى إعجابه..
أبدى لها إعجابه..فحمرَّ وجهها حياء..لم يجرؤ أحد من الشباب أن يقول لها ذلك..
أسرعت إلى بيتها تبكى...قاصدة حضن أمها 
وأخذت تبكى وتبكى 
أمها تربت على كتفيها تطمأنها..
تمسح دموع قلبها بكلماتها الحنون...
تضمها إلى صدرها ،فقد حرجتها الحياة بأول جرح ،أو قل فقط رمتها الحياة بأول حجر فى طريقها...
أعطتها أمها كتابها الذى خطته بيدها لها ،كعادة الأمهات فى ذلك العصر 
كل الأمهات تخط كتبا قبل الزواج لتعطيها لأبنائها ليتعلموا من تجاربها وليسمعوا لنصائحها..
فلا تكون الأم مؤهلة للزواج ،إلا بعد أن تخط كتابا...
جلست الفتاة الصغيرة التى كانت على مشارف فترة المراهقة ...
قد حان  عليها الآن أن تقرأ الكتاب ،وتتعلم من أمها الكثير..
وترمى الحياة بأول حجر ،كما ألقتها  هى بأول حجر فأصابها فى قلبها..

نرجع للفتى الذى عكف على كتب الرسائل لزميلته..فقد كان يعزم أن يوقعها فى شباكه..
حتى يقال له" الجنتيل"
سابق عصره وأوانه..الولد الروش كما يقال له فى عصركم...
يبدو أن هذا الفتى لم يقرأ كتابه جيدا،ولو قرأه لابد وأن الكتاب خالٍ من الحروف...
كبرياء الفتى سبق حبه ..كان بدا عليه أن يصيبها بأحد سهامه ،حتى يبقى هو الفارس الوحيد..
ثم يوقعها فى أسره،ويتركها حبيسة فى شباك الحب ،ويهرب ليرمى سهامه على أخريات..
كأنه يعيش فى غابة ،كان هو الصائد الوحيد  فيها ،وكعادة الصيادين اللامبالاة بالفرائس ،فكل ما يهمهم هو الصيد...
جاء اليوم الذى يلقى فيه بأول سهامه فى قلب الفتاة...
بحث عنها فى كل مكان خارج فناء المدرسة ،وأخذ يختلس النظرات إلى داخل المدرسة فلم يجدها...
سيعود مطأطأ رأسه اليوم ،وغدا يلقيه..
.أخذ يعزى نفسه ،بأن الصيادين كثيرا ما يذهبوا إلى البحر دون أن يخرجوا سمكة واحدة ،واليوم التالى يعودون وقد امتلأت شباكهم...

كانت الفتاة تقرأ فى كتابها حتى وصلت إلى عبارة"سيعزف الخذلان على أوتار جرحك..إذا خوضتِ معركة غير مستعدة لها"
يلى هذه العبارة قصة روتها أمها لإحدى صديقاتها التى وقعن فى الأسر بعد خوض معركة الحب دون أن تستعد لها...
تروى'كانت صديقتى فى الخامسة عشر من عمرها ،داهمها رامٍ للسهام كان بارعا...
أخذ يرميها بسهم كل يوم ،فيبلغ هذا السهم مبلغه فى قلبها،كانت تنزف من قلبها إثر رميته دماء الحب..وتخط بهذه الدماء رسائل تستحثه  فيها أن يكثر من رمى السهام ،فقد ألف قلبها هذه السهام ،فضرْبته أحبتها ؛لأنها منه ،وهى تثق به وبأن رميته لصالحها هى ،فهو يحبها ويشفق عليها....
كان سهمه الأول أن يبدى لها إعجابه الشديد
وبعدها توالت سهام الغزل وبعدها سهام النظرات التى كانت تخدش حياءها ،وتلتهمها كأنها فريسة ستقع فى شباكه قريبا...
كل يوم لا يدري هذا الفارس أهو الحب أم الكبرياء الذى دفعه لذلك..
حتما يُلقى لنفسه الأعذار بأنه يحبها  ،بعد أن رأها وهى تتأوه من حبه ومن السهام التى غرسها فى قلبها بقوة..
كبرياؤه كاد يقتلها...
نسيانها أمر الحياء وسعيها وراء شهوته ،ظنا منها أنه يحبها.
وأنها لابد أن تضحى بالغالِ والنفيس من أجل حبه 
ولما لا فقد ضحت بأغلى شىء أعطاه لها الله...عفتها وحياءها...
ينقص حياؤها كل يوم ،يقل ثمنها ،فقد أباحت له كل شىء...
كل شىء!
تركها تنزف الدماء من آخر سهم رماه بقلبها. ...يبدو أنه سوف يبقى مغروسا فى قلبها إلى النهاية...
أسقطها بشباكه ،ووضعها فى سجن العشق ،وباتت هى أسيرته الأولى إلى أن يأتى بأخرى تضمض جرحها أو تزيد من عمقه لا يدرى...
أخذت تعزف الخذلان على أوتار جرحها ،جرحها الذى كانت هى المشجع الأول على رمى السهام حتى يزيد عمقه...
كأنها مغيبة عن الوعى!
أصابتها الفتنة ،واستشرفت لها..
نسيت أمر عفتها،انقادت صوب شهوتها..
وكانت هذه هى النتيجة
"تعزف الخذلان على أوتار جرحها"
..............................................................
أنتهت الفتاة التى كانت تسمى_ مريم_ من القصة ،وهى تعزف أوتار الأمتنان لأمها....
عرفت مريم العفة ،وأنها غالية...
هى لؤلؤة مصونة من ربها ،فلتحافظ على ثمنها ،وتزيد من حيائها ،وتنصاع لأوامر ربها....

ذهبت إلى مدرستها فى اليوم التالى ،وقد قدت فى قلبها نيران سترمى بشرارتها عليه إذا حاول أن يتقرب منها...
عندما رأها ألقى لها سهاما على هيئة "رسالة غزل"
ولكن أنى يصيب هذا السهم قلبها ؟!فقد حاوطته بسور حصين ،لا يدخله إلا من يريدها حلالا ،فيأخذ مفتاحه من والدها...
أمسكت بالرسالة الأولى منه ومزقتها ،فأصبحت كقلبه الممزق الذى يبدو وكأنه أصيب هو بالسهم فى صدره فمزقه...يبدو وكأنه لقى صفعة على وجهه من فعلتها هذه..
سيذهب إلى بيته اليوم وهو يحمل خفى حُنَين..

روى له الخذلان أول قصة ،تصديقا لعبارة أمه فى الكتاب الذى أهمله"سيروى لك الخذلان قصصا مؤلمة"
أظنها لم تكُ مؤلمة بالكفاية...
كان عنيدا مع نفسه ،يصر أن يثبت أنه رامٍ ماهر أمام نفسه...
 لم ييأس..
عزم على أن يذهب إلى المدرسة ،ويلقى لها ثانى رسائله..
ولكن كيف السبيل إلى قلب ،قد أغلق بوابات السير فى طريقه...
سار ورائها حتى وصل لبيتها وألقى لها كل الرسائل التى كتبها.
هذه المرة لقى صفعة حقيقية على وجهه 
من والدها ،الذى هدده وضربه وأقسم أن يجعل رقبته معلقة أمام بيته عبرة لأمثاله...
قد كانت هذه الصفعة تروى كل قصص الخذلان....
أخيرا فهم العبارة التى عكف على قرأتها كثيرا"عندما تحب يا ولدى يجب أن تكون جديرا بهذا الحب سنا وقدرة وقدوة ،وإلا سيروى لك الخذلان قصصا مؤلمة" 
عزم أن يحفظ ما تبقى من ماء وجهه...
عاد إلى قراءة كتب أمه...
هذبته الحكم والنصائح،بعد أن هذبته صفعة فتاة أغلقت قلبها فى وجهه...
 بعد أن علمت هذه الفتاة "أن الحب مصارعة خاسرة خارج حلبة الزواج"

#تعليق
تهذبنا النصائح ،والحكم ،والحكايات 
فأقرأ كثيرا..لعل كتابا يكون لك الصفعة التى تلقى بها الحياة ،إذا رمتك بأحد أحجارها...
#ريهام





   

Comments

  • No Comments
Log Out?

Are you sure you want to log out?