الجزء الثالث "طوق نجاة" Read Count : 114

Category : Stories

Sub Category : Romance
   وجد يوسف ما يهتدى به!
رأى يوسف خيمة على بعد أميال منه،فدلف إليها فى تلهف لعله يجد ضالته ومرامه....
وصل يوسف إلى الخيمة، وألقى السلام..فخرج له شيخا يظهر الشيب على لحيته الطويلة ،على رأسه عمامة ضخمة....يبدو أن  ارتداء هذه العمامات  تقليد من تقاليد البدو فى هذا الوادى...
لابد أنه يعرف من اختطفوا مرام.
قلت له فى لهفة:"يا شيخ لقد فقدت.... ".
سكت لأنى لا أدرى كيف أوصفها..أهى حبيبتى؟ ،أم رفيقتى فى دربى؟ أم ابنتى ؟!
يبدو أن الشيخ قد فهم....
فتحدث قائلا: "هل جاء رجال متلثمون وخطفوها؟"
هززت رأسى إجابة 'نعم!'...
للأسف يا بنى لا لن تتمكن من الوصول إليها مجددا.....
كادت ضربات قلبي تتوقف ،والعروق تنفجر، وشعرت بأننى فقدت حياتى ،الأرض تدور بى.....
تمالكت أعصابى وقولت له:
"لما يا شيخ لن اتمكن من الوصول إليها؟"
فأجابنى :'يا ولدى...كل الفتيات التى تفعل مثل فعلتها  تسجن فى سجن شيخ البادية...هذه قواعد تُسن فى البادية ".
تعجبت من قوله 'فعلتها ' ولكن ماذا فعلت؟!
رد :"كل الهاربات مثلها..يسجن."
قصصت عليه قصتنا ،وعن رمى القدر بنا فى الصحراء.
قال لى الشيخ :"هل قابلت حكيما فى طريقكَ إلى هناك"
فأجبته وقلت له نعم وأعطانى كتابا حتى أقدمه إلى حارس الحكمة الجنّى...
تهلل وجه الشيخ وقال لى:'معك الحل وتبحث عنها؟'
_معى!! 
أقرا كتابك بتمعن! ستجد الحل فيه..يبدو كأنك فارس يا ولدى..سوف تجد ضالتك ومرامك ،ولم يزد الشيخ عما قاله...
رأيت شجرة تبعد قليلا.لقد رد لونها الأخضر الحياة فى الصحراء ،لقد تذكرت قلبي الذى  جدب من خوفى على مرام وقلقى الشديد عليها ،يبدو أن هذا الكتاب سوف يرد الحياة  لقلبي......
أخذت أقرأ وأقرأ..كنت أشعر بأنى أبحث عنها داخل الكتاب 
الكتاب كله حكم. كنت اتمعن فى الحكمة لعل السر غامض  فى حكمة ما....

هنالك فى بيت شيخ البادية....
جلس أحد أبناء الشيخ مع أبيه جلسة فيها طلب  بالزواج من إحدى الفتيات الأسيرات...

وافق الشيخ على طلب ابنه ،ولما لا فهو أثيره وولده المفضل سوف أختار لك أجملهم يا ولدى.
رد ابنه فى إمتنان لوالده :'دعنى يا أبتى أختر منهم من اتوسم فيها الجمال ،والتمس فيها الرقة ،وتؤسرنى عينها....
أذن له والده بأن يدلف إلى السجن ويختار أثيرته ،قبل الولد أباه وانصرف إلى السجن.
وقعت عيناه على فتاة جميلة أسرته عينها...
ولكن عينها هذه المرة لم تكن كما رأها جميلة ،فقد جفت وذبلت من فرط البكاء والحنين ،أصبحت حمراء دامية كأن جرح قلبها يقطر دما من عينيها ، حمرة عينيها  تحاكى  بنيران  قلبها على فقد يوسف التى توسمت فيها زوجا صالحا،حمرة عينها كانت مزيجا من أشياء كثيرة 'وجع وحنين وفراق وغربة'.
طلب الولد من مرام بأن تتقدم عليه ،فكثيرا ما حلمت الفتيات فى هذا السجن مثل هذه الأشارة..
أومأت مرام  برأسها  رافضة.
فتقرب منها ،ضمت مرام رأسها إلى صدرها خوفا منه وهى تصرخ دعنى وشأنى أنا لن أتزوج منك أبدا..
رأى ابن الشيخ أن هذه الطريقة لن تجدى معها فكر بأن يرسل لها أمه ،وإن امتنعت سوف أتزوجها غصبا عنها فقد وقعت أسيرا فى حبها....

تمضى الأيام ويزداد نحيب مرام ،ثابتة على موقفها رافضة من الزواج مطلقا...
جاءت إليها أم الفتى بعد إلحاح من أبنها ،فقد كانت مترفعة على الذهاب إلى مثل هذا السجن الذى يمتلىء بفتيات عاهرات...
جلست بجوارى قائلة فى كبر وأنف مرفوعة :"مثلك لا يرضى بأبنى الذى يطمع فيه جميع فتيات البادية ؟!".
صمتُ ولم أجبها فلم أكن أحب أن أجيب السفيهات مثلها.
ثم أعادت مجددا حديثها منكرة على رفضى:"ستصبحين أميرة فى البدو بالزواج بولدى أيتها الحمقاء!
أجبتها رفضا وثار الدم فى عروقى غضبا من قولها :'لن أتزوج بولدك أبدا '.
ردت بسخرية :"يبدو أنك تهيمين شوقا  بعشيقك أيتها العاهرة!'لم أحب أن يطلق على هذا الاسم مطلقا..فقولت لها بجدية بدت على وجهى :'لست عاهرة'.
وبدأت أقص عليها قصتى بعد أن بلغ كلامها عنى مبلغه..
لم تصدق حرفا مما  قُلته ،وقالت لى :'يبدو أنك تجدين تأليف القصص ،لن يخيل على مثلى كذبك هذا وخداعك ،اسمعى أيتها الجميلة ثلاثة أيام وسوف آتى لتزينك لولدى لا جدال مجددا ،أمر واقع وحتمى وإلا سوف تلقين مصرعك على يدى هذه.'
قالت قولتها وذهبت.......
أخذ يعنفنى الفتيات على رفضى ،ولكننى شرعت فى البكاء مجددا ،ولكن هذه المرة بكيت فى سجودى ،وأخذت أدعو الله وأتوسله بأن يفرج كربى ،ويجمعنى بيوسف ،وينقذنى من شيخ البادية وأهله......

كان يوسف  قد قرب من الأنتهاء من قراءة الكتاب ولكنه  لم يجد ضالته حتى هذا الوقت،وإذا به أخيرا يصل إلى آخر صفحة بعد أن نفذ صبره ،وضاق صدره ،وجف ريقه من القراءة....
نام يوسف وهو يقرأ لم ينم منذ ثلاث أيام  وكيف ينام ومرام بعيدة  عنه ،كان صمتها يؤنسه ،نومها يجد فيه سبيل للآمان إلى قلبه فينام بعد أن يجد أمانه.....
حلم يوسف  حلما كان طوق النجاة لقلبه..
رأى عصفورا يقف على كتابه ،وألقى بذورا على آخر صفحة فى الكتاب وتركها وطار..
استيقظ يوسف منه نومه وتؤضأ وصلى وأخذ يدعو الله كثيرا بأن يجد ضالته ومرامه ،دعى الله بأن يعجل الفرج ،وأخذ يدعو وقلبه يصب كل أحلامه فى سجوده...وما إن انتهى..حتى شرع مجددا بقراءة آخر صفحة بتفحص ،أخذ يقرأ سطورها بأمله الذى فاض بفؤاده ،قرأها بعينه التى تشوقت لرؤية مرام ،فهو لم يرها منذ عشرة أيام..يتشوق لرؤيتها بالرغم من عدم رؤيتها بتفحص مثل الشباب ،فقد كان يغض بصره امتثالا لأمر الله'وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم'.
اشتاق لرؤيتها بقلبه....
وجد أخيرا ضالته فى السطور الأخيرة التى كتب فيها
'اخرج الخاتم الذى أعطته زوجتى إليك ،واذهب إلى الشيخ  الذى وجدته فى خيمته بعد اختطاف  مرام ،وسوف يدلك على مكانها فهو يعرفه تماما ،أعطى الخاتم لشيخ البادية وأطلب منه بأن يرى هذه السلسلة التى علقتها مرام فى رقبتها وسوف يطلق سراحها ،وسيرا على بركة الله.'
دلف يوسف مسرعا إلى خيمة الحكيم متشوقا لمعرفة مكان مرام لينقذها.......
وللمرة الثانية  
ما كل ما يتمنى المرء يدركه...تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن!
لم يجد  يوسف الشيخ فى خيمته...شعر يوسف بأن الأرض قد دارت به ،وظهرت أشواك الصحراء فى قلبه ،أظلم الكون حوله ،بل خيم الظلام على قلبه ،فلم يعد يري شيئا ..ضاع كل شىء 
ضاعت مرام! 
ياربى قد اشتد البلاء! 
قد كانت هذه الصدمة  صفعة حقيقية على وجهه ،فسقط مغشيا عليه،ولم يفق  إلا على صوت..... 
#الجزء_الثالث
#ريهام
#يتبع

Comments

  • No Comments
Log Out?

Are you sure you want to log out?